languageFrançais

هل استعدت تونس جيدا للتعامل مع العودة المحتملة للإرهابيين من سوريا؟

بعد انهيار نظام الأسد في سوريا و"تحرير" العديد من الإرهابيين المعتقلين في السجون السورية، بدأ القلق يتصاعد في تونس من احتمال عودة المقاتلين الذين انضموا إلى التنظيمات المتشددة في سوريا. هؤلاء كانوا قد وقعوا في قبضة النظام السوري أو بقوا عالقين في المناطق التي كانت تحت سيطرة قوى المعارضة.

وتثير هذه المخاوف تساؤلات حول الأثر الأمني لهذه العودة المحتملة على الوضع الداخلي في تونس، خصوصاً في ظل التجربة السابقة مع الإرهابيين العائدين من مناطق النزاع. وتركزت النقاشات في تونس، على التدابير الأمنية والآليات القانونية اللازمة لمواجهة هذه المخاطر.
 

المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة كان قد نبّه في بيان ،إلى الأخطار التي تهدد تونس نتيجة لتردّي الوضع في المنطقة، مشيراً إلى عودة عدد من التونسيين الذين شاركوا في القتال في سوريا، بعد أن تمّ تسفيرهم إلى هناك بطرق مختلفة على علاقة بالإرهاب. وأوضح المرصد أن هؤلاء التونسيين قد تم إطلاق سراحهم من السجون السورية، وحذّر من خطر عودتهم إلى تونس.

ودعا رئيس المرصد منير الشرفي في تصريح لموزاييك، السلطات التونسية إلى توخي الحذر الشديد من هذه العودة، مشدداً على ضرورة وضع خطط حكيمة للتعامل معهم في حال عودتهم.

وأشار الشرفي إلى أن هؤلاء الأشخاص بعد انتهاء مهمتهم في سوريا من المفترض أن تطلب منهم القيادات والجهات التي جندتهم العودة إلى بلدانهم وهو ما يمثل تهديداً كبيراً للأمن القومي في تونس، خاصة في ما يتعلق بتطرفهم الديني العنيف الذي يشكل تهديداً للمسار المدني للدولة التونسية، فضلاً عن احتمال تكليفهم بمهمات من قبل أطراف استعمارية قد تسعى إلى زعزعة استقرار البلاد.

تهديدات مستمرة

مختار بن نصر، الرئيس السابق للجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، أكد أن الجماعات الإرهابية المتورطة في أعمال إرهابية تشكل تهديدًا مستمرا، سواء لدولها الأصلية أو لبقية الدول. وأوضح أن هذا الملف كان موضوعًا للنقاش على مستوى الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية حتى قبل سقوط النظام السوري، حيث تم طرح إمكانية عودة هؤلاء الإرهابيين إلى بلدانهم.

تونس ترفض عودة الإرهابيين 

وأشار بن نصر إلى أن تونس كانت من بين الدول التي رفضت عودة هؤلاء الإرهابيين، رغم وجود مقترحات لإعادة تأهيلهم بهدف إعادة إدماجهم في المجتمع.

وأضاف أن التوجه التونسي في التعامل مع الإرهابيين العائدين يعتمد على الإجراءات القضائية فقط، حيث يتم محاكمة من ثبت تورطه في أعمال إرهابية، بينما ربما يتم التفكير في إعادة تأهيل من لم يثبت تورطه. وشدد على أن هذه الجماعات تمثل تهديدًا حقيقيًا نظرًا لعدد أعضائها الكبير، لافتًا إلى أن سوريا ستضطر إلى طرد العديد من الإرهابيين مع عودة اللاجئين السوريين بعد سقوط نظام بشار الأسد.

ودعا بن نصر إلى ضرورة اليقظة الأمنية والعسكرية في هذه المرحلة، مؤكدًا أن السلطات التونسية قد اتخذت تدابير احترازية، بما في ذلك تعزيز اليقظة الأمنية ومراقبة الحدود، منذ فترة طويلة، وهو ما يتطلب متابعة مستمرة من قبل الأجهزة الأمنية لضمان سلامة البلاد.

وتحدث عن جهود اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب في هذا الصدد على مستوى التوقي من التطرف العنيف ومحاربة الاستقطاب من خلال وسائط التواصل الاجتماعي وحتى عبر الخطاب البديل في المساجد.

ودعا في السياق ذاته إلى ضرورة اليقظة على مستوى وزارة تكنولوجيات الإتصال لمراقبة أي تحركات محتملة إضافة إلى تكثيف المراقبة عائليا ومجتمعيا للتفطن لأي أعمال استقطابية أو استمالية.

وأضاف بأن المطلوب حاليا تواصل جهود رصد هذه العناصر الإرهابية عن طريق التنسيق على المستوى الدولي خصوصا في ظل تواجد مجموعات في دول الساحل والصحراء وليبيا وجنوب الجزائر تحاول استقطاب هؤلاء الإرهابيين للاستفادة من خبراتهم القتالية واستخدامهم سواء في اللوجستيك والاستقطاب والتدريب أو حتى في الأعمال القتالية خصوصا وأنهم مرتزقة ويشتغلون مقابل المال ولا تهم المسائل العقائدية أو الالتزامات الأخلاقية والانتماءات الوطنية وبالتالي يمكن توظيفهم بأي شكل من الأشكال. 

اشكاليات التصنيف 

كما تحدث الرئيس السابق للجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب مختار بن نصر عن الإشكاليات المرتبطة برفع التصنيف عن بعض الجماعات الإرهابية إثر المستجدات الحاصلة في سوريا وهي اشكاليات كبرى خلقت صعوبات كبرى في مواجهة الإرهاب والتطرف العنيف وهو ما من شأنه تعطيل العمل القضائي وحتى الأمني لأن المصنف إرهابيا من طرف تونس قد لا تعتبره دول أخرى غير إرهابي وهو ما يحول دون ملاحقته والقبض عليه. 
 

وفي المقابل بين أن تونس تعلن شهريا عن قائمة أشخاص يتم تجميد ارصدتهم وأموالهم حتى بشبهة الإرهاب وهي تصنيفات وقائمات تأخذ بعين الاعتبار على مستوى الدولي وهو ما يساعد على كشف هذه العناصر.

وشدد على أن وزارة الداخلية وحتى المؤسسة العسكرية لهم من الإمكانيات والقدرات للتفطن لهذه العناصر خصوصا وأن لديهم قائمات مضبوطة بمن تم تسفيره ومن شارك في أعمال إرهابية .

استفاقة أمنية والوعي ضروري 

الجامعي والمؤرخ عميرة علية الصغير، أكد لموزاييك وجود استفاقة أمنية في تونس من خلال تكثيف عمليات المراقبة خاصة أن الخطر الإرهابي لازال قائما في تونس وأصبح أكثر حدية خاصة بعد سقوط النظام في سوريا التي أصبحت مفتوحة لعشرات التنظيمات الإرهابية المسلحة بكل تفرعاتها من إخوان مسلمين وقاعدة وغير ذلك، داعيا في الوقت نفسه إلى ضرورة الوعي بخطورة هذه التنظيمات في ظل العودة المحتملة للارهابين التونسيين من سوريا ومزيد تشديد الرقابة على مستوى الجمعيات التي مولت انشطتهم وعمليات تسفيرهم.

وبين في هذا الإطار أن عدد الإرهابيين التونسيين الذين سافروا إلى سوريا بإرادتهم أو تم تسفيرهم من خلال التسهيلات التي قدمتها الدولة خلال فترة حكم النهضة من خلال توفير جوازات السفر والنقل في حدود 12 ألف مقاتل ذهبوا لنصرة ما يسمى ''بالثورة ضد النظام'' وهم في الواقع ارهابيون يتبنون الفكر الإرهابي.


وأكد الصغير أن الدولة التونسية بمختلف مؤسساتها وأجهزتها من أمن وجيش واستخبارات وسفارات محمول عليها التهيأ للعودة المحتملة للإرهابيين التونسيين الذين تم إطلاق سراحهم من السجون السورية داعيا إلى مزيد تكثيف عمليات المراقبة في المطارات والحدود البرية حاليا إضافة إلى تكثيف عمليات المتابعة للعناصر التي بإمكانها التسلل عبر جوازات سفر مفتعلة كطلبة أو عمال في الخارج.

وأضاف الصغير أن الجهود على المستوى البعيد تتطلب وقت كبيرا ومساعي حثيثة خصوصا في مستوى التعليم والتثقيف وإعادة النظر في كل التسميات التي وقعت وكل العناصر التي تم زرعها صلب الإدارة التونسية وخاصة ميدان التعليم وجمعيات كثيرة مازالت تشتغل في هذا الاتجاه وتبث الفكر الإرهابي والاستئصالي وتخريب أمن الدول خدمة لأجندات خارجية.

كريم وناس

 

share